728x90 شفرة ادسنس

الجمعة، 18 يوليو 2014

حركة 20 فبراير فتحت قوس سياسي لم ينغلق بعد... - عبد الغني القباج







 منعطفات سياسية عديدة عرفها تاريخ نضال الشعب المغربي و قواه اليسارية و الديمقراطية.. كان آخرها تنصيب عبد الرحمان اليوسفي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي وزيرا أولا لحكومة ما يسمى "تناوب توافقي"، و خصوصا تَـبَلـْـوُرُ "حركة 20 فبراير" و نضالها الديمقراطي الجماهيري. فشل هذه المنعطفات أكد أن رهان التغيير من داخل النظام السياسي المخزني التبعي رهان سياسي خاطئ.
 نعرف أن "حركة 20 فبراير" تبلورت في سياق "ثورات" شعوب مغاربية و عربية كحركة سياسية اجتماعية ديمقراطية مدنية نوعية و معبرة عن المصالح الديمقراطية الحيوية للجماهير الشعبية المغربية، أي حركة ديمقراطية شعبية تتجاوز الخطط السياسية و الأشكال التنظية التقليدية للقوى الديمقراطية و لممارستها النخبوية.
 التصور السياسي و الاجتماعي لـ"حركة 20 فبراير" واضح. لا يطرح بوضوح الثورة للإطاحة بالنظام السياسي الملكي السائد، رغم ارتفاع أصوات ملتبسة في هذا الشأن، بل يطرح التغيير الديمقراطي الجذري لهذا النظام، أي تغيير ديمقراطي جذري يقطع مع منهجية استمرار مؤسسات النظام السياسي و المجتمع المخزنيين و طرح ضرورة الانتقال إلى مؤسسات الدولة الديمقراطية، مؤسسات سياسية و مجتمعية ديمقراطية تجسد فعلا إرادة الشعب. و نوعية و ثورية تصور "حركة 20 فبراير" أنه تصور لا يطرح تغيير سياسي شكلي للنظام الملكي! بل تغيير سياسي جوهري للنظام تكون فيه للمؤسسة الملكية سلطات رمزية تضمن وحدة الشعب و أمنه الداخلي و الخارجي و الروحي كما تضمن مؤسسات الدولة الديمقراطية وفق إرادة الشعب.
 غير أن النظام السياسي واجه ما طرحته حركة 20 فبراير و الجماهير الشعبية و نضالها بخطته السياسية المتمثلة في تعديل شكلي للدستور و إعادة ترتيب الحقل السياسي للتحكم في الصراع الطبقي في ظل استمرار ثوابت هذا النظام السياسي. لذلك شكلت "حركة 20 فبراير..." قطيعة مع أسلوب و منهجية السلطة السياسية (المؤسسة الملكية) و المتمثل في احتواء المعارضة الديمقراطية و إخضاعها للتصور السياسي للقصر، كما شكلت"حركة 20 فبراير..." قطيعة مع أساليب عمل و تكتيك أغلب الأحزاب الديمقراطية التي لم تستطع تغيير ميزان القوى، بتأطير الجماهير الشعبية و قيادتها لصالح تغيير ديمقراطي فعلي و ربطت باستمرار أحزابها بمشروع و بمبادرات القصر.
و نعتبر أن البيان الـتأسيسي لحركة 20 فبراير و ما طرحه من برنامج سياسي اجتماعي لا زال راهنا. لم تتطرق "حركة 20 فبراير,,," في بيانيها التأسيسيين (6 أبريل و 14 أبريل 2011) إلى مجلس تأسيسي منتخب (رغم أن بيان 14 أبريل تم تعديله و حذف موقف "الملكية البرلمانية" من صيغة البيان الأول لـ6 أبريل).. بل بلورت موقفا يتمثل في "دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا يمثل الإرادة الحقيقية للشعب" يجعل شباب حركة 20 فبراير تميل لهيئة يتمثل فيها جميع القوى الديمقراطية لبلورة هذا الدستور الديمقراطي المفترض فيه نقل المغرب، دولة و مجتمعا، من نظام الاستبداد و الفساد الذي يلغي الشعب ككائن سياسي و بالتالي يهمش جميع حقوقه السياسية و المدنية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، رغم التنصيص عليها في دستور ممنوح، إلى نظام سياسي ديمقراطي و مؤسسات ديمقراطية يجسدان إرادة الشعب. كما يطرح البيان التأسيسي لحركة 20 فبرايرالشروط السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية الديمقراطية و الحقوقية المواكبة لتغيير الدستور أن تراكم المعضلات الاجتماعية يرجع بالأساس إلى الاختيارات السياسية وبنية النظام  السياسي المغربي المناهض لمصالح أبناء الشعب الفقراء.
 و يسجل التاريخ كيف أخلت قيادات نقابتي الاتحاد المغربي للشغل و الكنفدرالية للشغل بدورها النضالي الديمقراطي المفترض و استفادت من النضال حركة الديمقراطي الجماهيري لحركة 20 فبراير الذي فرض على النظام السياسي الاستجابة لبعض المطالب النقابية و "تنازلت" مؤقتا الحكومة بتوقيع اتفاق 26 أبريل مع النقابات الذي لا زالت جل بنوده معلقة.. و بالتالي مارست قيادات نقابتي الاتحاد المغربي للشغل و الكنفدرالية للشغل، خصوصا، موقفا سلبيا من النضال الجماهيري لحركة 20 فبراير لإعاقة انخراط الطبقة العاملة و المأجورين و المأجورات في هذا النضال، بل و شاركتا في الآلية المواكبة للجنة تعديل الدستور و استفادتا من الريع المخزني رغم أنهما تزعمان أن نضالهما النقابي تُـؤَطــِّـرُه رُؤية سياسية ديمقراطية لصالح الطبقة العاملة و الفئات العريضة للماجورات و للمأجورين!!!!
 أكيد أن بعض الأحزاب اليسارية الديمقراطية الراديكالية تجاوبت بهذا التكتيك او ذاك أو بهذه الخلفية أو تلك، و بهذه السرعة أو تلك مع التصور السياسي "حركة 20 فبراير..." و برنامجها و مع ديناميتها النضالية. و رغم اختلاف استراتيجية و تاكتيك كل منها، انخرطت هذه القوى اليسارية و ساهمت في نضال حركة 20 فبراير، فإنها لم تبادر منذ الانخراط الوازن للجماهير الشعبية في مظاهرات الحركة إلى تشكيل تحالف سياسي ديمقراطي مناضل متفاعل و متجاوب مع نضال حركة 20 فبراير و لم تتجاوز خلافاتها و تعطل ذكاؤها السياسي لأنها لم تبلور و تُبْدع و تُـفَعِّـل أساليب عمل و وعي سياسي جديد و ممارسة تنظيمية ديمقراطية جديدة قادرة على الالتحام السياسي و الاجتماعي و الإنساني بالفئات الاجتماعية الشعبية التي نزلت للشارع طيلة شهور للانخراط في نضال حركة 20 فبراير. و بدل ان تستلهم قوى اليسار الديمقراطي الراديكالي دروس النضال الجماهيري الديمقراطي لحركة 20 فبراير و تجدد أساليب عملها و توجه ممارستها السياسية و مجهودها التنظيمي للجماهير الشعبية، عادت إلى روتين ممارستها السياسية تعوزها المبادرة السياسية و الفعالية النضالية، كما أنها لم تستطع تجاوز أزمة ارتباطها السياسي و التنظيمي بالجماهير الشعبية.
 و بالتالي لا بد للقوى اليسارية الديمقراطية الراديكالية أن تفهم أن حركة 20 فبراير فتحت قوس سياسي لم ينغلق بعد... لأن الشعب المغربي، بالنظر لاستمرار المخزن و مظاهر استبداده و استمرار مظاهر الفساد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي، لا زال يبحث عن ثورته الديمقراطية السلمية.
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: حركة 20 فبراير فتحت قوس سياسي لم ينغلق بعد... - عبد الغني القباج Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top