قبل سنوات بعد لقاء فريد جمعه بالزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات – أبو عمار بواشنطن و بعد خطابه القوي أمام البرلمان الانجليزي الذي وقف له – تقديرا - بعد إكماله وقف جميع الحاضرين، ملهبين قاعة تشهد على ديموقراطية عريقة بالتصفيق وقد علت الوجوه للإشادة برؤية الرجل و منظوره القابل لاستقطاب تأييد و ثقة أصعب المتحاور معهم على أرض عوامل و مؤشرات التوجه نحو الانصاف و المصالحة ، و بعد قوة الموقف الحقوقي الدولي المتمثل في الإشادة و التثمين ،حيث أعطى الراحل ،و على رؤوس الاشهاد ،انطلاقة الحملة العالمية "للوقوف ضد حكم الإعدام" بقاعة لاباصطي بباريس ، قاعة جرى اختيارها لرمزية موقعها التاريخية، بوصفه مكان شهد انطلاق الثورة الفرنسة... بعد هذا ذاك هل باغتنا الاجل و غادرنا إلى مثواه الاخير في مثل هذا اليوم 20 مايو .
لم يمهل الزمن مهندس العدالة الانتقالية ،فقد أبت المنية إلا أن تأخذه بعد صمود و مواجهة عنيدة مع مرض عضال ألم بالرفيق "بو منجل" في اخر أيامه.صارعه و تحداه بجسارة يعلمها من تقاسموا معه و عايشوا عن قرب اشتغاله داخل المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الانصاف على بلوغ هدف اضطرار الدولة و إعلانها على تأسيس هيئة للإنصاف و المصالحة في استضمار وتمثل خلاق لتجربة الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا في جنوب افريقيا.
رجل من معدن خالص، شب على صفاء و حدها السريرة من تهوى احتضانه لدرجة التماهي به .لم يسعى نحو غرض شخصي ولا راح يلهث خلف مجد زائف لأنه فكر من داخل ضحايا سنوات الرصاص،و لم يتوسل سوى قانون العدالة التي حملها حلما لذيذا منذ مستهل شبابه،و قد اثر النضال ضمن منظمة " إلى الامام " التي أسسها بعض يساريي حزب التحرر و الاشتراكية بناء على رؤية نقدية للخط السياسي التحريفي الذي انتهجته القيادة المتنفدة للحزب في غشت 1972 والمواقف التي اتخذتها قيادة الحزب من مشروع روجرز...
من لم يعرف الفقيد إدريس بنزكري ،لا بد و أن يكون قد ادرك قيمة الرجل ،وانتبه لكفاءته من خلال اقترابه و مقاربته لواحد من أكثر الملفات حساسية، سواء في اتجاه بناء الدولة الدمقراطية ،أو الوفاء للتاريخ النضالي الذي اقترن بسنوات الجمر و الرصاص أو بانتقال اليسار الذي يعد "بومنجل" من قيادته التاريخية ، المحكوم عليه بثلاثين سنة أمضى نصفها بالسجن المركزي قبل ان يفرض التقدم الحاصل في واجهة النضال الحقوقي بإطلاق سراحه و سراح العديد من المعتقلين السياسيين ، و اخيرا، انتقال هذا اليسار من مرحلة السرية الاضطرارية إلى العلنية الممانعة...
لم يمت الفقيد و إنما أكمل رسالته ورحل ، إيمانا منه بان التاريخ تراكمات و انجازات يأتي لاحقها ليعضم سابقها، يغنيه بالإضافة أوبالتنقيح ، لكنه لا يلغيه لأنه صفحة في سجل دونت فيه الاحداث و الوقائع ما يجعل كل مستقبل منشود أفضل من كل ماض مفجع.
سلاما لك ايها المناضل القائد الأمين على رسالة التغيير الثوري عبر النضال السلمي الأمن.
سلام لك يوم ولدت ونشأت بقريتك البسيطة الصغيرة بناسها الطيبين بأيت واحي...
سلام إليك يوم اعتقلت وسجنت و اضربت عن الطعام إقرارا لكرامة السجين ..
سلام للزمن الذي قدت في شروطه مشروعا للمصالحة،غايته الاسمي جعل الأفق المغربي قابل للانفتاح على سيرورات
مغايرة أكثر دينامية ،وأغنى من حيث الامل..
الذين لا يعرفونك يدركوا أنك لم تسقك لحظة من رهانك ،بلورة القدرة تم الارتقاء بها بما يؤثر في موازين قوة
التناقض بين الاستبداد والديمقراطية ،و في موازين الصراع بين أنصار الدمقراطية وأعداءها..
سلام إليك و عليك في مثواك حيث ترقد بمقبرة " سيدي المخفي "
نم أيها البطل الذي انجز مهمته العسيرة ورحل غير نادم مادام في الحاضر ما يبشر بالأمل في مستقبل آت .. آت ..
الأستاذ : عبد الالاه المهمة 20 ماي
0 commentaires:
إرسال تعليق