728x90 شفرة ادسنس

الخميس، 28 مايو 2015

ارضية ندوة: دور المؤسسات السياسية والمجتمع المدني في محاربة الفساد





موضوع الندوة اليوم هو دور المؤسسات السياسية والمجتمع المدني في محاربة الفساد، ومن الواضح أنه يتناول ما يفترض أن تقوم به مؤسسات الدولة الحديثة ، بمعنى أنه موضوع نظري الأساس ،ولكنه بطيعة الحال لا بد أن يكون متصلاً بواقع بلادنا .
إن الممارسة السياسية ببلادنا اليوم كان يفترض فيها كإدارة للشأن العام أن تكون ثمرة عمل ديمقراطي نضالي يومي، بل ومنهجية وآليات في المشاركة و المراقبة و المحاسبة و اليقظة الدائمة. لكن ما نلاحظه اليوم في ظل حكومة كان شعار حملتها الانتخابية "معاً لمحاربة الفساد و الاستبداد"، أصبح الفساد ظاهرة كلية يعبر بشكل جلي على ضعف الإطار المؤسسي للنظام السياسي والاقتصادي والقيمي، ناهيك عن تردي حالة توزيع الثروة، واحتلال أفرادها وأقربائهم وأنصارهم مواقع متميزة في جهاز الدولة و استئثارهم بالصفقات العمومية بدون سند مشروع (الملايير التي صرفت على الندوة الوطنية للمجتمع المدني، وكيف استفاد منها المقربون من الوزراء و أعضاء الحزب ...).
إن خطورة الفساد اليوم لا تتوقف عند أشكال الرشوة والسرقة وأدوار النهابين الكبار التي تعيش على امتصاص عائدات اقتصادنا و تنميتنا، بل إن الخطورة الحقيقية للفساد تكمن في خراب القيم و تحويل الفساد إلى نهج في الحياة، يعيش في ثنايا البيروقراطية و المحسوبية و الانتهازية و يؤسس لتنمية شكلية فوقية بغرض تحقيق منافع هذه الفئة، و يهدف ذلك، ليس الى تأسيس منهج للفساد فحسب، بل إلى ضمان استمراره أيضا.
فالفاسد يحمي الفاسد، و الفساد يفرخ الفساد، و تلغى في مسار ذلك مؤسسات الرقابة و المتابعة و التدقيق و يكمم الإعلام، و تعزل وسائل الرقابة الشعبية والمنظمات والأحزاب والبرلمان عن ممارسة دورها في التصدي و المقاومة، حتى أضحى الفساد في عز حكومتنا جزءا من لحمة الدولة ومؤسساتها، و استند الفساد إلى فلسفة تبرره "عفا الله عما سلف" و قوة تحميه وأدوات تُنميه وتعظم موارده.
إننا اليوم في الحزب الاشتراكي الموحد، نولي اهتماما بالغا لموضوع الفساد الذي لا يترك آليات الديمقراطية تعمل بكامل كفاءتها، بل يسعى بهمة بالغة إلى تفريغ تلك الآليات من مضامينها، إذ يمكن الالتفاف على سلطة البرلمان الرقابية بخطوة استباقية تهدف إلى التحكم في تشكيل رجال هذه السلطة التشريعية، و يمكن تحقيق ذلك من خلال التقطيع الانتخابي بشكل يصب في مصلحة المفسدين و تجزئة أصوات الناخبين على دوائر انتخابية يمكن التحكم فيها، أو إغراق الدائرة الانتخابية بأعداد كبيرة من المرشحين لمصلحة مرشح يدعمه المفسدين، و في كل هذه الحالات يلعب المال دورا أساسيا في شراء الأصوات، ولقد أدى مثل هذا الوضع إلى فوز تجار المخدرات بالمقاعد البرلمانية.
كما يمكن للمفسدين أن يتحكموا في القضاء نفسه عندما ينتقصون من استقلاليته، و ذلك عندما تقوم السلطة التنفيذية بالتحكم في تعييناتهم و ترقياتهم، فهنا يكون القضاة خاضعين لهم مهما دبجت عبارات نزاهة القضاء و استقلاليته.
خلاصة و توصية:
إننا نعلم، أن الديمقراطية لا يمكنها و حدها التصدي للفساد، فهي عبارة عن منظومة و آليات يمكن للمفسدين أن يعطلوا من مفهومها الحقيقي أو يحركوه في الإتجاه المعاكس. وإفساد الديمقراطية اشد خطرا من فرض نظام شمولي. لأن إفساد الديمقراطية من شأنه زعزعة ثقة الناس و إيمانهم بجدواها. كما لا يمكن للنخب المحلية المناضلة من اجل الديمقراطية مواجهة خصوم الديمقراطية وحدهم، فالخصوم غالبا ما يكونون مسلحين بالمال و الإعلام و النفوذ.
إن الخيار الوحيد أمامنا اليوم هو تكوين جبهة وطنية تضم كل المؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالحريات و حقوق الإنسان، و مناهضة الفساد، على أن يكون لهذه الجبهة خطاب واحد مشترك للتغيير الديمقراطي ومحاربة الفساد، وإنشاء مقياس مرجعي متفق عليه لتقويم تقدم أو تراجع الفساد، وأن نسعى مع الإعلام الحر للتشهير المستمر و الدائم بأي تقدم للفساد في البلاد. وأن تترابط فيما بينها بشكل يومي من خلال وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة لكشف قضايا الفساد و التعبئة اليومية ضدها.
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: ارضية ندوة: دور المؤسسات السياسية والمجتمع المدني في محاربة الفساد Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top