هو عنوان أو شعار للإستراتيجية المركزية في الجيل الرابع من الحروب التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية سباقة إلى اختراعها و إلى استخدام المصطلح ذاته في التعريف بها .
حروب تقوم أساسا على مبدأ ''التدمير الذاتي للعدو ''بغية زعزعة استقراره دون الحاجة بالضرورة إلي شن أي عدوان مسلح خارجي عليه و لكن فقط عبر محاصرته بعقوبات اقتصادية بداية و نشر الفتن و القلاقل و بث الإشاعات المغرضة ثم إثارة الاقتتال الداخلي و التفرقة بين مكوناته السياسية أو العرقية أو الطائفية ، و من تم إنهاك إرادة الدولة المستهدفة ببطء بعد النجاح في إحداث و تفشي الفوضى فيها وصولا إلى تخريبها من الداخل و تقويض أسسها و هو ما قد يمهد الطريق نحو التدخل المباشر في ذلك البلد لكن بأقل الخسائر الممكنة لأن مناعة البلد يكون قد تم إنهاكها بالكامل و لم يبق بعدها إلا الإستسلام ، على الأقل إلى حين قد يطول أو يقصر .و لعل هذه الإستراتيجية قد طبقت و لا زالت تطبق في سياق تفاعلات الحراك الدي عرفته عدد من دول المنطقة العربية ، حيث حاولت كل من الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و حلفاؤهما توظيف المطالب الشعبية المشروعة بالتغيير الديمقراطي في عدد من تلك الدول و تحويل مسارها إلى هذا النوع من الحروب و الإقتتال الداخلي فيما يشبه ما يطلق عليه في علم المناعة بالأمراض الإنضاضية ( maladies auto immunes )،حيث يفشل الجهاز المناعي في التعرف و التمييز بين الأجسام الغريبة و الداخلية للجسم و يهاجمها محدثا تدميرا و ضررا بالغا بالجسم الدي يفترض فيه الدفاع عن مقوماته الحياتية .
يمكن اعتبار ما وقع بليبيا و سوريا و اليمن و ربما حتى مصر دليلا واضحا في هذا الأمر ، هل كانت إسرائيل لتنجح في تدمير سوريا مثلا بالشكل الدي نراه اليوم لو أنها اعتمدت فقط على الحرب المباشرة ضدها ؟ لا أعتقد أو على الأقل ما كانت إسرائيل لتعبر من تلك الحرب بدون خسائر كما هو واقع اليوم . هناك مؤشرات تدل على استلهام و نقل بعض الأنظمة الإستبدادية لهذا المبدأ التدميري و تطبيقه بعد ملاءمته على خصوصيات الصراع الداخلي الدي تقوده ضد خصومها من القوى الوطنية، أي العمل على تدمير كل المكونات السياسية و المدنية التي يمكن أن تنازع السلطة الحاكمة صلاحياتها و تهدد امتيازاتها المكتسبة .
و تقوم هذه الإستراتيجية من بين ما تقوم عليه تشجيع التفرقة بين تلك المكونات و تحريض بعضها على بعض لضمان استمرار سيادة الحكم المطلقة ، العمل على احتواء البعض من نخبها و أطرها عبر الإغراءات أو التهديد ، العمل على نشر الإشاعات المغرضة و اختلاق الصراعات حتى الوهمية منها لإذكاء الفتنة و التفرقة الداخلية و تشجيع الإنشقاقات في صفوفها خصوصا عند اقتراب الاستحقاقات التنظيمية كالمؤتمرات أو التمثيلية كالإنتخابات، بل و التدخل المباشر أحيانا في التوجيه و التحكم في نتائجها بما يخدم مصلحة السلطة و النظام القائم . العمل على محاصرة الأحزاب و المنظمات المدنية المستهدفة و فرض عقوبات مباشرة أو غير مباشرة عليها و منعها من التوسع و الإرتباط بالجماهير و دفع هذه الأخيرة إلى النفور من الإنخراط في كل عمل منظم داخلها بغية عزلها عن محيطها الحيوي للإستفراد بها و تدميرها بعد ذلك .
لكن هذه الإستراتيجة سواء كانت ضمن خطط حرب بين دول أو خطط احتواء نظم لخصومها السياسيين لا يكتب لها النجاح المطلوب إلا عندما تكون الشروط أو التربة الداخلية للمراد تدميره من الداخل مساعدة على دلك و أول تلك الشروط غياب أو ضعف اللحمة العضوية و تغييب الديمقراطية و عدم التحديد الجيد للتناقضات و ترتيبها و عدم التوفر على استراتيجية دفاعية مضادة و معبئة ضد العدو أو الخصم الخارجي .
0 commentaires:
إرسال تعليق