728x90 شفرة ادسنس

الاثنين، 21 يوليو 2014

في معركة أنوال: محمد بن عبدالكريم الخطابي امير الريف


الجيش الإسباني يشعر بالإذلال نتيجة افتداء الأسرى

كان عبد الكريم يحتفظ بعدة بنادق في الكهف، وحالفه الحظ ذات مرة، فأصاب نقطة حساسة ألقت بالطائرة الإسبانية أرضا حيث تهشمت غير بعيد عن الكهف. 
ومر الوضع السياسي الإسباني بأزمة شديدة عام 1923، فقد أحس الجيش بالإذلال نتيجة افتداء الأسرى، وراح الثوريون ينادون بأن مراكش أصبحت مقبرة للشباب الإسباني وبئرا لا قرار له للثروة الإسبانية. كانت الحرب تكلف 000000 20 ليرة استرلينية كل عام، ولم يتحقق من جرائها أية فائدة على الإطلاق. كانت القوات الإسبانية حبيسة في تطوان ومليلا، وقد أصبح الشعب متعبا من مراكش، وكان يعجب بعبد الكريم ويصرح بإعجابه. وتمردت فرقة معسكرة في برشلونة، فقتلت ضباطها ؛ وحكم على عريف يدعى خوزيه ساتشيز باروسا بالإعدام من قبل محكمة عسكرية، لكن الحكومة ألغت الحكم. كانت البلاد بأسرها تشارف على الفوضى. ولاح في الأفق خطر أشد رهبة، إذ قدم الجنرال بيكاسو تقريره إلى المجلس النيابي، فوزع على النواب من دون أن يطبع. كان هذا التقرير يكشف النقاب عن مشاركة الملك ألفونسو في كارثة أنوال، ووقف الجيش وحده بين العرش والثورة، إذ وجه ضربته قبل أن تتمكن اللجنة البرلمانية التي عينت لدراسة تقرير بيكاسو من الاجتماع. وانحنى الملك، الذي كان يعرف بكل وضوح جلية الأمر، «أمام القوى الأعلى»، وعلق الدستور. 
لقد نظم الانقلاب من قبل الجنرال ميغيل بيمو دي ريفيرا، الذي كان يشغل منصبا لا يتناسب مع رتبته كحاكم عام لكاتالونيا، حيث تم إبعاده بعدما ألقى خطابا غير موفق دافع عن الانسحاب من مراكش. وقدم ريفيرا في 13 شتنبر إلى مدريد، حيث استلم دفة الحكم، وقد كانت له شعبية قوية في الجيش كما كان محبوبا من الجمهور. إن بريمو دي ريفيرا، بطل عدة مآثر شهيرة، في مراكش وفي الفيليبين على حد سواء، قد أصبح جنرالا في سن الثلاثين، وذلك كما يقال بفضل نفوذ عمه، القائد العام لإسبانيا، وقضى ريفيرا شبابه، وهو الأرستقراطي حتى رؤوس أصابعه، في القتال والفحش حسب اعترافه شخصيا. واعترف ذات مرة قائلا: «لو أني كنت أعرف أني سأصل ذات يوم إلى السلطان، لكنت درست أكثر». ورأى بريمو دي ريفيرا في شخصه الند الإسباني لموسوليني، الدكتاتور الإيطالي الذي كان معجبا به إلى درجة كبيرة. ويصف ألبرت كار، في دراسته عن السبيل إلى الدكتاتورية، بريمو دي ريفيرا بأنه «تافه»، «أخرق» و»ميؤوس منه»، بأنه رجل «أكثر لباقة من أن يكون دكتاتورا صالحا». كان يملك اتجاها محموما إلى النزعة الإنسانية والليبرالية، فقرر أنه لن يكون مزيد من التضحية بالرجال أو المال في مراكش. إن كل ما يمكن الاستغناء عنه دون إذلال يجب أن يسلم. وكان الجنرال بيرنجر الضحية الوحيدة للانقلاب، إذ أقيل فانسحب من المسرح كيما يغطي مشاركة الملك في كارثة أنوال. لقد اعتبر بيرنجر مسؤولا بصورة مباشرة عن الكارثة، وذلك بوصفه مفوضا ساميا عام 1921. 
في نونبر، في أعقاب تعيينه مديرا (كما سمى نفسه)، قصد بريمو دي ريفيرا مراكش، حيث أخذ على نفسه شخصيا مسؤولية الحملة، وأمر الجيش أن يهجر مواقعه الأمامية وأن ينسحب إلى مواقع جنوبي تطوان ومليلا. وإنه يجب التخلي عن مشروع غزو المنطقة الشمالية، وأثار هذا الأمر حنق قادة الجيش، إذ هو ينكر عليهم الفرصة لغسل عار أنوال من جهة، كما ينكر عليهم من جهة ثانية أي حظ في الانسحاب دون تكبد خسائر مروعة. ويلاحظ كار أن ريفيرا، بعملية جنونية تكاد لا تصدق، قد صرح بخططه علنا. فقد بين، وهو محاصر بمراسلين صحافيين عنيدي المراس ذلقي اللسان، متى وأين سيبدأ الانسحاب، معلنا أسماء الأماكن وتواريخ إخلائها. ولقد صاح المارشال ليوتيي باستنكار حين سمع بذلك: «يا إلهي، إن الجيش ينسحب حين يكون ذلك أمرا لا بد منه، لكنه لا يعلن هذه الحقيقة سلفا للعدو». لقد كان يتراءى أن إعلان دي ريفيرا يرسم نهاية المغامرة الإسبانية في مراكش. 


في معركة أنوال: محمد بن عبدالكريم الخطابي امير الريف
وار د برايس يكشف أن كابوس الحملة المراكشية يخيم فوق رؤوس الإسبانيين

حمل عام 1924 معه أول لمحة خارجية عن عبد الكريم، إذ زاره وقابله في أبريل وارد برايس، مراسل الصحيفة اللندنية ديلي ميل التي كانت في ذلك الحين الصحيفة الأكثر انتشارا في بريطانيا. ولقد نشرت مقالاته في حصيلة هيرالد النيويوركية أيضا. 
ولقد زار وارد برايس، الذي كان منذ تلك الأيام مراسلا خاصا ذائع الصيت، مدريد في طريقه إلى مراكش، فوجد أن شبح كابوس الحملة المراكشية يخيم فوق رؤوس الأمة الإسبانية. ولاحظ الزعيم الليبرالي، الكونت رومانونيس، الذي تقلد مقاليد الحكم أربع مرات، بكل حيطة ما يلي: «إنه لأمر خطير أن تتحول إسبانيا من ملكية دستورية أوربية إلى طغيان شرقي. لكن ذلك يكون مقبولا إذا ما استخدم العسكريون سلطانهم لتسوية مشكلتين قديمتين تعنيانهم بصورة رئيسية: مسؤولية فضائح مراكش وحل حملتنا الباهظة التكاليف هناك».       
ووجد برايس أن الأمة الإسبانية بأسرها تكره حتى مجرد اسم مراكش. وكان الجنرال بريمة دي ريفيرا وحكمه الإداري يواجه مشكلتين: أتراهم يجسرون على معاقبة السلطات العليا، العسكرية والمدنية، المسؤولة عن كارثة أنوال؟ وهل يستطيعون أن ينهوا الحرب؟ كانت معاقبة الجنرالات أمرا محفوفا بالمخاطر، لأن الجيش كان منقسما على نفسه بشأن جرمهم. وكان الوزراء المتهمون محميين في القيادة العليا. وحتى إذا ما طبقت العقوبات بخصوص الماضي، فإن مشكلة المستقبل تظل بدون حل. وكان الإسبانيون المثبطو العزيمة يقولون: «حتى إذا استولينا على الريف، فإن البريطانيين والأمريكيين هم الذين سيستغلون موارده». 
وكانت ثمة خطتان موضع الاعتبار كما علم برايس. وكانت إحداهما تنص على جعل ريسولي باشا على تطوان، وتزويده بالسلاح والرجال، وإخباره بمواصلة الحرب ضد عبد الكريم. وكانت هناك خطة بريمة دي ريفيرا مقابل الخطة الأولى، ألا وهي الانسحاب من داخل مراكش، والتجمع حول تطوان ومليلا، وتقديم المعونات إلى العرب بدلا من مضايقتهم. بيد أن إخلاء شمالي مراكش يفتح الباب لإمكانية مضاعفات لاحقة، إذ من سيخلف الإسبانيين هناك؟ لسوف يكون الحافز قويا بالنسبة إلى الفرنسيين للمناداة بمسؤولية إخضاع رعايا السلطان الريفيين المتمردين باحتلال أراضيهم. ولسوف يخلق ذلك وضعا خطيرا في حوض البحر الأبيض المتوسط، لأن إيطاليا وبريطانيا ستعارضان امتداد النفوذ الفرنسي على طول سواحل إفريقيا الشمالية. 
وسعى برايس إلى المعلومات من الدكتاتور الإسباني، فأخبره بريمو دي ريفيرا بما يلي: 
من المؤكد أن المنطقة الإسبانية من مراكش هي أكبر مشاغل الحكومة الإسبانية الحاضرة. فقد كان الوضع هناك خطيرا طيلة اثنتي عشرة سنة، لكنه يتطور بثبات نحو الحل. 
إن القوات الإسبانية تحتل عددا من المواقع المنعزلة، وبعض هذه المواقع الجبلية التي تسيطر عليها تعج بالعصاة المسلحين بصورة جيدة، ويتحركون بخفة في أرض يصعب جدا على القوات النظامية أن تسلكها، ويلحقون بها خسائر تفوق نسبة أعدادهم، وذلك بلجوئهم إلى أساليب حرب العصابات. 
ولا بد لهذه المواقع الإسبانية أن تزود بالمؤن، وحتى بالماء، من القاعدة، وأن العصاة يقطعون في بعض الأحيان طرق المواصلات الإسبانية، فتضطر القوافل، حين تواجه على هذا الغرار تجمعات العدو، أن تشق طريقها عبر صفوفهم بالقتال. 
وهذا ما جرى مؤخرا في تيزي عزة. إن لدينا هناك موقعا في موضع استراتيجي صعب، تدافع عنه حوالي ثلاث سرايا وبطارية من المدفعية. وإن حامية تيزي عزة بكاملها، مع المواقع الإضافية والأجنحة الواقية، تعد حوالي 1500 رجل، وأن الهجوم العربي الأخير على قافلة تتقدم إلى ذلك الموقع قد كلفهم أربعين قتيلا، بينما لم يفقد رتلنا سوى ثمانية رجال في تشتيت العدو وتزويد الموقع. 
ولقد أنقصنا مؤخرا قواتنا في مراكش، بغرض الاقتصاد وتوسيع الأراضي المسالمة بمعدل 20000 رجل، لكننا نرسل في الوقت الحاضر الإمدادات، وذلك لأن عمليات التنظيف أصبحت أمرا لا غنى عنه.
كاب ناظور
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: في معركة أنوال: محمد بن عبدالكريم الخطابي امير الريف Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top