إن أي مناضل مستحضر للجدل ولقانونه الثابت المتمثل في مبدأ التناقض ، الجامع للأضداد في اطار وحدة جدلية ،لا يمكنه الجواب إلا بوضع السؤال أعلاه في سياقه السياسي الواقعي ، وكما تجري وتحدث وقائعه ،فقط حين يسلك ذالك، وفقط في اطار السياق الواقعي ، يستطيع الإمساك ،وبشكل ملموس ،بالجوهري فيما يطرحه الحزب الاشتراكي الموحد ، لكن السؤال الذي يفاجئنا هنا هو : ما هي المعطيات التي يجب أن نضعها في سياقها لفحصها وادراك دلالتها ؟
تلك هي المسألة ....
أمامنا ثلاث وقائع دات دلالة :
1 . واقعة نقابية متمثلة في تأسيس نقابة مشبوهة ، بلغة بيان المجلس الوطني للحزب ، أريد من ورائها جر تيار الحزب الاشتراكي الموحد النقابي ليكون رأس الحربة فيها وبالتالي إحداث واقعة مع الك د ش وفك الارتباط بها بالنتيجة وتخريب أفق فدرالية اليسار الديمقراطي كأفق. وقد نجح الحزب وبشكل كبير في افشال الكمين الذي نصب لنا وعلامة النجاخ ما يشبه الاجماع داخل المجلس الوطني على تبني مقاربة المكتب السياسي للواقعة بعد نقاش عميق طبعا .
2 . الواقعة الثانية متمثلة في وضعية حشدت ،اذ بعد تأكد أصحاب المشروع النقابي المشار اليه من فشل خطتهم رفع وثيرة خلق مشكل تنظيمي داخل حشدت وذالك بعقد لقاء غير تنظيمي متزامن مع انعقاد دورة اللجنة المركزية لحشدت بدار البيضاء التي كانت ناجحة من جميع الزوايا ،حاسمتا أمر هيئتها التنفيذية . ولأن أصحاب لقاء الرباط يعرفون ويدركون أن حشدت تنظيم شبيبي للحزب الاشتراكي الموحد ، ويدركون تمام الادراك أن المسألة ليست تحايل على القوانين ، بل هي مسألة تاريخ كفاحي للشبيبة ومضمون نضالي لشبيبة الحزب ، ولأنهم يدركون ذالك فان أقصى ما حققوه هو أنهم وضعو أنفسهم خارج حشدت .
3 . الواقعة الثالثة :متمثلة في مجموعة من استقالات قياديين في الحزب ، و المؤسف أنها جاءت بعد دورة فارقة للمجلس الوطني للحزب والدورة الناجحة للجنة المركزية لحشدت بالبيضاء ،ومع احترامي وتقديري الكبيرين لجميع الرفاق المستقلين فان التزامن التتابعي مع الوقائع السابقة تفرض وضعها –الاستقالات – في نفس السياق ، وهذا مؤلم ،لكن ما هو موضوعي يبقى موضوعيا .
و السؤال الان هو ما الجامع بين الوقائع الثلاث ؟
بعيدا عن لغة التخوين ومنطق التآمر والمؤامرة ،فان التحليل يفرض ما يلي :
+ علاقة السياسي والنقابي اشكال سياسي
+ علاقة السياسي والشبيبي اشكال سياسي أيضا
+ علاقة السياسي بالتنظيمي اشكال سياسي دائما .
وعلى ذالك فان المستهدف والمقصود بالوقائع الثلاث هو الخط السياسي للحزب الاشتراكي الموحد والذي أقره المؤتمر الوطني الأخير والحامل لشعار "الملكية البرلمانية هنا والان " والذي عبرت الدورة الأخيرة للمجلس الوطني على انجاز الحلقة الثانية للمعادلة والمتمثل في المسألة التنظيمية من حيث الجوهر بترسيخه فكرة حزب الأعضاء وليس حزب التكتلات .
السؤال هو : من الجهات التي يوجهها الحزب ؟
بلور الحزب ومنذ تجربة جريدة الميدان خيار سياسي ينطلق من رفض جواب الانضمام الى جوقة الأحزاب المتمخزنة ، ورفض جواب الانزواء الى العدمية في اطار نضاله الديمقراطي واختار خيارا ثالثا مبني على أساس اصلاح دستوري عميق وإصلاح سياسي شامل ، وترسيخ بتجربة حركة 20 فبراير المنطلقة من مبدأ الملكية البرلمانية ، فهناك اذا أطراف سياسية رافضة للديمقراطية الحقيقية بكل مستلزماتها ، ولأن منطق الضراع و التناقض لا يرحم أحدا ، فانها اختارت – الجهات المعادية للديمقراطية – عناوين مواجهة الحزب والمتمثلة في بعض النقابيين وبعض الشباب الحزبي لتصريف الصراع . والمؤلم هنا أن بعض قياديي الحزب وبتقديمهم كأولوية لما يعتبرونه فشلا للمكتب السياسي وانحرافا على مقررات المؤتمر ، قدموا هذا الرأي والذي حسم فيه المجلس الوطني ، على منطق الصراع والنضال السياسي الجماهيري ، فوقعوا - ويؤلمني أن أقول هذا عن مناضلين أعزهم كثيرا – من حيث لا يدرون في قلب هدف المعادين للملكية البرلمانية هنا والان وكل أملي أن يتراجع الرفاق عن استقالاتهم لأننا ببساطة في حاجة اليهم .
والخلاصة المركبة هنا هي :
ان الحزب لا يعيش ازمة سياسية فخطه السياسي واضح وقد أقر المجلس الوطني الأخير مفردات برنامجه التعاقدي بين هيئاته ، ولا يواجه أزمة تنظيمية ، لاني أميز بين مشكل التنظيم الحزبي كاشكال، وبين المشاكل التنظيمية كاختلالات تدبيرية ، ما يعني الحزب راهنا هو أنه منخرط في وضعية نضالية يواجه فيها محاولات ارباكه ، أما محاسبة هيئاته ومنها المكتب السياسي فلها مكانها وزمنها ومنطقها .
0 commentaires:
إرسال تعليق