728x90 شفرة ادسنس

الأحد، 3 أغسطس 2014

المسألة النقـابية - علي القرطيط






1) تاريخ النقابة بالمغرب تاريخ انشقاقات
المتتبع لتاريخ النقابة بالمغرب يعرف أن هذا التاريخ هو تاريخ انشقاقات بامتياز حيث بدأت هذه الظاهرة منذ السنوات الأولى لتأسيس الاتحاد المغربي للشغل كأول نقابة تأسست في المغرب سنة 1955 وكان مؤسسوها وقياديوها كلهم من رموز الحركة الوطنية أي أنها غلب عليها المطلب السياسي المتمثل في النضال من أجل استقلال المغرب واعتبرت كرافد أساسي وأداة لتأطير الشغيلة والطبقة العاملة حول هذا المطلب وحيث ان المهيمن عليها كان هو حزب الاستقلال تأثرت بالتقاطب الذي عرفه هذا الأخير والاختلاف بين قيادييه حول طبيعة الصراع السياسي وطبيعة الدولة المراد تأسيسها بعد الاستقلال ، هذا الخلاف أدى إلى انشقاق هذا الأخير وتأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مطلع الستينات من القرن الماضي ، هذا الانشقاق أدى مباشرة إلى تأسيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب كنقابة تابعة لحزب الاستقلال وهيمن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية على ا.م.ش ، موجة الانشقاقات لم تتوقف عند هذا الحد بل سرعان ما برزت خلافات وسط ا.و.ق.ش حول طبيعة النقابة وأدوارها وعلاقتها بالحزب وبرز سؤال العلاقة بين السياسي والنقابي أو على الأصح العلاقة بين الحزبي والنقابي ، جناح بقيادة المحجوب بن الصديق يرى بضرورة استقلال النقابة عن الحزب واقتصار دورها على المطالب الخبزية الضيقة وجناح بقيادة المهدي بن بركة يرى ضرورة أن يكون للنقابة دور سياسي بالانخراط في المعارك السياسية الكبرى خاصة معركة الديمقراطية ومطلب الدستور الديمقراطي ، اشتداد الخلاف بين الجناحين أدى بقطاعات مثل التعليم والبريد إلى إعلان استقلالها من الاتحاد وتأسيس نقابات كالنقابة الوطنية للتعليم والنقابة الوطنية للبريد، استمرار هذا الوضع والمنحى الذي فرضته البيروقراطية النقابية بقيادة المحجوب بن الصديق على ا.م.ش بتحييدها عن الصراع السياسي العام الذي خاضته القوى الديمقراطية وتحويلها تدريجيا إلى نقابة خبزية غير معنية بكل ما هو سياسي، استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى الإعلان عن تأسيس الكنفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1978 هذا التأسيس الذي اعتبر تصحيحا للوضع النقابي وإعادة الاعتبار للنقابة ودورها الحيوي في الصراع السياسي العام ، ودمقرطتها وإعادة الاعتبار للمبادئ الأربعة ( الجماهيرية ، الديمقراطية ، التقدمية ، الاستقلالية ) ، وبالفعل استطا عت ال ك.د.ش في بداية تأسيسها أن تعيد للعمل النقابي وهجه وأن تنخرط في دينامية الصراع من أجل بناء المجتمع والدولة الديمقراطيتين وخاضت عدة إضرابات قطاعية ووطنية هذه الأخيرة كانت غالبا ما تفضي إلى انتفاضات شعبية ( 81 و84 و90 ) ، لكن هذا الزخم النضالي سرعان ما سيخفت لاحقا خاصة خلال التسعينات حيث ستدخل مفاهيم جديدة للنقابة من قبيل الشراكة مع الدولة والباطرونا ،و المقاولة المواطنة ... متأثرة بموجة الخطاب المعولم الذي صاحب العولمة الجديدة وتأثيرها الاديولوجي والاقتصادي ومتأثرة بالخطاب السياسي الذي ساد والتقارب بين الاتحاد الاشتراكي كقوة سياسية مهيمنة على النقابة والقصر هذا التقارب الذي توج بالتصويت بنعم على دستور 96 والدخول في حكومة التناوب التوافقي 98 هذا المسلسل الذي أفضى إلى انشقاق ال ك.د.ش مرتين الفدرالية الديمقراطية للشغل 2001 والمنظمة الديمقراطية للشغل 2006، وتأسس حزب من رحم الكنفدرالية الديمقراطية للشغل هو المؤتمر الوطني الاتحادي .
2) الوضع الراهن
بعد سلسلة الانشقاقات التي عرفها الجسم النقابي المغربي وانزياح ال ك.د.ش عن أهدافها التي تأسست من أجلها " مركزية نقابية تستجيب لمطامح الطبقة العاملة في التحرر من كل أنواع الاستغلال، ركائزها الأساسية احترام الديمقراطية الداخلية وتوسيع المبادرة القاعدية المسؤولة وإعادة الوحدة النقابية ، والنضال ضمن الأهداف العامة للحركة التقدمية في بلادنا " ( مقتطف من بيان التأسيس) حيث إعدام الديمقراطية الداخلية وتأبيد الزعامات وبروز بيروقراطية متحكمة كابحة لنضالات الشغيلة في مختلف القطاعات ومختلف الجهات واضعة مصالحها فوق المبادئ العامة للنقابة وأهدافها ، هذا الوضع أفرز مجموعة من الظواهر : تقلص نسبة المنخرطين ، بروز مجموعة من التنسيقيات تناضل من أجل مطالب خاصة بكل فئة ، بروز نقابات مستقلة في مجموعة من القطاعات ، هذه الظواهر زادت من تعميق أزمة الفعل النقابي وساهمت في المزيد من التشتيت للطبقة العاملة مما سهل الهجوم المتكرر من قبل الدولة والباطرونا على مكتسباتها التاريخية على رأسها الحق في الإضراب بل حتى الحق في الانتماء النقابي . 
الواقع المأزوم للنقابة انعكس سلبا على القوى الديمقراطية والتقدمية ضمنها الحزب الاشتراكي الموحد وتراجع الخطاب اليساري داخل النقابات وغاب الدور التأطيري لها وأصبحت الأجهزة المحلية والإقليمية والوطنية غارقة في تدبير بعض الملفات الخاصة بمنخرطيها ، أي تحولت النقابة من إطار للمناضلين إلى إطار للمنخرطين.
3) أي دور لمناضلي الحزب الاشتراكي الموحد في ظل واقع الشتات والتراجع للعمل النقابي.
يعتبر الحزب الاشتراكي الموحد أكثر الأحزاب اليسارية تضررا من الوضع الحالي للنقابات حيث جهود المناضلين مشتتة على أكثر من نقابة ومركزية نقابية ( الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ، الاتحاد المغربي للشغل ، الفدرالية الديمقراطية للشغل ، النقابة المستقلة للتعليم ، نقابة الأطباء ... ) وكل جماعة تشتغل بشكل مستقل بل قد يصل في بعض الأحيان أن ينتقل الصراع بسبب النقابة إلى داخل الحزب (عدة فروع شلت بسبب هذا الصراع) ، ومرد ذلك غياب رؤية حزبية للعمل النقابي بالإضافة إلى غياب الصرامة التنظيمية في التعاطي مع الأمور الحزبية ، مناضلون صار الحزب في خدمتهم وليس العكس ، في إطار تمثيلهم داخل الأجهزة النقابية المحلية أو الجهوية أو الوطنية وفي إطار تكريس منطق الكوطا ، يستفيد هؤلاء من هذه التمثيلية لأنهم ينتمون للحزب الاشتراكي الموحد في المقابل ماذا يقدمون للحزب ؟ لاشيئ، بل بالعكس تصبح الأولوية للنقابة على حساب الحزب ، آخر ما يتم التفكير فيه هو الحزب والتزاماتهم اتجاهه ، حين تبحث عن الحصيلة كم من مناضل تم استقطابه للحزب ؟ أي دور لعبوه في الدفاع عن الديمقراطية الداخلية للنقابة وعن مبادئ الاستقلالية والتقدمية ؟ كم من مبادرة اتخذت في مواجهة البيروقراطية وفضح تجار العمل النقابي والمستفيدين من الريع النقابي ؟ لاشيئ باستثناء بعض القطاعات التي خاض فيها رفاقنا صراعا وصل حد العنف الجسدي الذي مورس عليهم من قبل بلطجية البيروقراطية ، ومبادرة الرفاق في المؤتمر/ المهزلة الأخير للكنفدرالية ، مبادرة تم إعدامها في مهدها ولم يكتب لها أن تمضي قدما في اتجاه التأسيس لتيار ديمقراطي داخل ال ك.د.ش على غرار ما وقع داخل أ.م.ش ، دون أن ننسى الصراع الذي يخوضه رفاقنا في بعض الاتحادات المحلية ضد النظام وضد البيروقراطية في آن معا ، ورزازات نموذجا .
لذلك آن الأوان لأن تعطى للمسألة النقابية ما تستحق من أولوية خاصة ونحن على مشارف المؤتمر ، تأجيل الخوض في هذا المشكل سيكون سبب إعاقة لمجموعة من الخطوات التنظيمية والسياسية ، لا يمكن لمبادرة فيدرالية اليسار أن يكتب لها النجاح إذا لم تحسم المسألة النقابية بين مكونات الفيدرالية، التوسع التنظيمي للحزب وتأثيره في المشهد السياسي العام سيبقى محدودا إن لم نولي الأهمية اللازمة للمسألة.
لم يعد مقبولا بعد 20 فبراير القبول بالزعامة الأبدية ، وبقيادة شائخة أغلب أعضائها متقاعدون أو على مشارف التقاعد ، علينا الانخراط في كل المبادرات الرامية إلى تصحيح الوضع النقابي داخل جميع المركزيات القائمة التي يتواجد بها رفاقنا ، والبحث عن البدائل الممكنة هدفنا إعادة الاعتبار للعمل النقابي والدفاع عن وحدة الطبقة العاملة ، وحدة المطلب ووحدة المصير ، وهذا لن يتأتى دون إرجاع الدور التأطيري للنقابة والدور الريادي في الصراع السياسي العام من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
ولإطلاق دينامية ورش التفكير في المسألة النقابية لا بد من أن تتأسس على مستوى الفروع لجن نقابية تضم الرفاق المشتغلين في جميع النقابات والقطاعات لوضع خطط العمل على المستويات المحلية وفي نفس الوقت بلورة تصورات وآراء حول المسألة النقابية يتم تجميعها خلال انطلاق دينامية التحضير للمؤتمر للخروج بأرضية نقابية تكون الموجه لعملنا تتيح إمكانية الفعل وفق هذا التصور، الذي سيكون ملزم لكل المناضلين وتتم المحاسبة على أساسه.
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: المسألة النقـابية - علي القرطيط Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top