الموضوع
: في شان حملة الشواهد المعتقلين بسجن الزاكي بسلا
يؤسفنا في المكتب الوطني لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، ونحن نتابع
بقلق شديد الوضع الصحي للمعتقلين التسعة من الأطر المعطلة المنتمين لحركة
المعطلين بالمغرب أن نتوجه لكم بهذه الرسالة المفتوحة لنثير انتباهكم، من
جهة، إلى الوضعية المزرية التي يعيشونها منذ اعتقالهم حيث دخلوا في إضراب
مفتوح عن الطعام وصل يومه الثلاثين، ومن جهة أخرى لنذكركم بمسؤوليتكم اتجاه
ما تعانيه هذه الفئة –التي تخرجت من الجامعات و المعاهد المغربية و تعد من
خيرة شباب هذا الوطن- من إقصاء وتهميش و عطالة، و نعلمكم أن شخصكم يتحمل
مسؤولية ما يقع من تجاوزات خطيرة واعتداءات متكررة ضد الاحتجاج السلمي لهذه
الأطر على اعتبار أنكم الجهة الموكول لها الإشراف على تدبير ومعالجة هذا
الملف.
وتجدر الإشارة إلى أن حركة المعطلين بالمغرب والتي نحن مقتنعين بعدالة
قضيتها ومشروعية مطلبها تمام الاقتناع، تقوم منذ سنوات بوقفات ومسيرات و
اعتصامات سلمية للمطالبة بحق حملة الشهادات في الشغل الكريم كحق من حقوق
الإنسان كما هو متعارف عليه كونيا فالفقرة الأولى من المادة 23 من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان الذي صادق عليه المغرب تنص على أن "لكل شخص الحق في
العمل، ﻭ في حرية اختيار ﻋﻤﻠﻪ، ﻭﻓﻰ شروط ﻋﻤل ﻋﺎﺩلة ومرضية، ﻭ في الحماية من
ﺍلبطالة" كما أن الفقرة الأولى من المادة السادسة من العهد الدولي الخاص
بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والذي صادقت عليه أيضا الدولة
المغربية هو الآخر ينص على اعتراف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في
العمل الذي يضمن لكل شخص حقه في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره
أو يقبله بحرية، وتقوم سلطات هذه الدول باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا
الحق. علما أن الدستور المغربي نص في ديباجته على سمو العهود والمواثيق
الدولية على التشريع المحلي و بالتالي أكد على ضرورة العمل على ملائمته
(التشريع المحلي) لها. هذا إضافة إلى إن دستور فاتح يوليوز نص كذلك على
ضرورة صون حق العمل للكل باعتباره جزء لا يتجزأ من المنظومة الكونية لحقوق
الإنسان المتعارف عليها عالميا، ففي الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات
الأساسية نجد الفصل 31 من الدستور يشدد على وجوب عمل الدولة والمؤسسات
العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب
استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحق في الشغل وولوج
الوظائف العمومية. الأمر الذي يفرض عليكم الالتزام بهذه المقتضيات والعمل
على تنزيلها ونقلها من حيز وجودها بالقوة إلى حيز وجودها بالفعل، لكن وبدل
أن تفي الدولة و حكومتها بالتزاماتها نجدكم تستمرون في التمادي في نهجكم
لسياسة الهروب إلى الأمام عبر وعود وأكاذيب وحوارات مماطلة ولقاءات مضللة،
حيث لاحظنا في المكتب الوطني لحشدت كيف تم اللجوء إلى أساليب تعسفية
واستفزازية وانتقامية، غير ما مرة، في التعامل مع احتجاجات المعطلين،
أساليب بعيدة كل البعد عن تكريس ثقافة حقوق الإنسان ودولة الحق والقانون
وقريبة إلى أبعد الحدود من الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها سنوات الرصاص
البائدة. كل هذا لم يكفيكم بل إنكم طورتم أسلوب تعاطيكم الأمني مع هذا
الملف قصد لجم نضالات هذه الفئة حتى وصلتم حد الاعتقال والمتابعة القضائية،
والتي تسارعت وتيرتها في غضون الشهور الأخيرة، باعتقالكم تسع أطر عليا
معطلة يوم الخميس 03 أبريل 2014 بمدينة سلا وهم في الطريق إلى محطة القطار
وهذا بعد انتهاء الوقفة السلمية التي نظمت أمام البرلمان والتي جوبهت بتدخل
عنيف من طرف قوات الأمن. السيد رئيس الحكومة المحترم، لعلكم تعلمون أن
سياسة الدولة المغربية في مجال التعليم والتشغيل كانت و ما تزال تسير نحو
تكريس واستفحال البطالة، إذ يظهر جليا بما لا يدع مكانا للشك أنكم لا
تملكون تخطيطا عقلانيا واضح المعالم محدد الأهداف في مجال التعليم، فمن جهة
هناك خريجون من الجامعات والمعاهد والمدارس العليا وفي المقابل الدولة لا
تفكر في كيفية إدماجهم في سوق الشغل حتى أصبحت العطالة تشمل حاملي الشواهد
وحاملي السواعد على حد سواء. و على هذا الأساس نعتبر هؤلاء الشباب ضحية
لسياسات عمومية فاشلة لا يتحملون مسؤولية إنتاجها، سياسات تساهم في تكريس و
إعادة إنتاج الفوارق الاجتماعية بين الفئات المحظوظة والفئات المحرومة.
السيد رئيس الحكومة المحترم ،إن ما يقع في شوارع الرباط وعدد من مدن
المملكة من خرق للقوانين وقمع للحريات المكفولة دستوريا، ومن تضييق ممنهج
على مناضلي ومناضلات حركة المعطلين بالمغرب المطالبين بحقهم العادل و
المشروع في الشغل، أمر غير مقبول يكشف زيف شعاراتكم المرفوعة من قبيل
"احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان" و "حق الاحتجاج السلمي " و
"التنمية البشرية " .... و يفتح الباب مشرعا للقول بأننا لا زلنا بعيدين كل
البعد عن دولة الحق و القانون. و مثل هذا الأسلوب في التعاطي مع مطالب
المواطنات و المواطنين، كفيل بتكريس التمييز المرفوض، ويهدد فعليا استقرار
البلاد.
إننا في حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية )شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد(
نرفض استمرار سياسة الترهيب و العصا الغليظة لمواجهة الحركات المطلبية
والاحتجاجية السلمية ذات المطالب الاجتماعية العادلة وفي مقدمتها حركة
المعطلين بالمغرب لذلك نطالبكم السيد رئيس الحكومة، - ومن خلالكم أعضاء
الحكومة كل في مجاله –
بالتدخل العاجل لرفع كل أشكال التمييز والحصار المفروض على حركة المعطلين
بالمغرب و وضع حد للقمع الهمجي المسلط عليهم و الالتزام بتطبيق المرسوم
الاِستثنائي رقم 100-11-02 -الصادر في 24 أبريل 2011 و القاضي بإدماج الأطر
العليا المتخرجة في نفس السنة إلى غاية متم شهر ديسمبر إدماجًا مباشرًا في
أسلاك الوظيفة العمومية مرتبين في سلم الأجور رقم11، وتنفيذ الأحكام
القضائية الصادرة لصالحهم والعمل على إيجاد حلول فعلية و واقعية لباقي
مجموعات الأطر العليا والمجازين من خلال انتهاج سياسة الحوار والتفاوض
المفضي إلى نتائج ملموسة ومقبولة لدى المعنيين بالأمر بدل سياسة القمع
والتي لن تزيدهم إلا إصرارا على مواصلة نضالاتهم المشروعة والعادلة
بالعمل من أجل الإطلاق الفوري وبدون قيد أو شرط لسراح الأطر التسعة
المعتقلين بسجن الزاكي بسلا السيئ الذكر والمتابعين بتهم جنائية ثقيلة في
سابقة من نوعها في تاريخ المغرب.
السيد رئيس الحكومة، الكل يتفق أن التشغيل، باعتباره حقا لا امتيازا، هو
مسؤولية الدولة، مهما كانت اختياراتها الاقتصادية، و هي المسؤولة أيضا عن
إعداد و تهيئة الأجيال القادمة من أجل تنمية البلاد، بالتالي فشلها في كل
هذا يجعلها تتحمل مسؤولية مباشرة في مشكل البطالة الذي نعانيه. و هو ما
يدفعنا للتساؤل عن مخططاتكم كدولة و حكومة من أجل التغلب على معضلة كهذه.
كما نرجو أن توافونا كتابة بما ستتخذونه من قرارات وإجراءات عملية لمعالجة
هذه الأوضاع غير القانونية وغير المقبولة. وفي انتظار ذلك تقبلوا عبارات
الاحترام.
والسلام.
الدار البيضاء، في24 يوليوز
2014
الإمضاء: الكاتب العام لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية
اشرف محمد مسياح
ملحوظة: نظير هذه الرسالة ثم بعثها إلى وزارة العدل والحريات ووزارة
الداخلية.
0 commentaires:
إرسال تعليق