728x90 شفرة ادسنس

الجمعة، 4 يوليو 2014

من شعار "الإسلام هو الحل" إلى إعلان دولة الخلافة الداعشية - حماد البدوي



لم تعد القاعدة، بمجاميعها و مسمياتها المختلفة، مجرد قضية أمنية تلازم الحياة السياسية في المنطقة و ترافقها، و تتعامل معها قوى الأمن عبر تتبع و رصد أنشطتها، و ملاحقة و تفكيك خلاياها، و إفشال خططها الإرهابية، بل صارت قضية "حربية/عسكرية" بعد تحولها إلى قوة عسكرية و مالية تسيطر على الأرض، و تؤمن خطوط الإمداد لنفسها، و تقاتل الجيوش على الجبهات الثابتة و المتحركة، لا بل تدحرها. منذ سنوات و طالبان أفغانستان و باكستان تشارك عمليا دولتي البلدين في إدارة مناطق شاسعة، و في فرض إرادتها على مواطنيها عبر العنف و الإرهاب؛ و قبل سنتين عجزت كل دول شمال إفرقيا و الساحل عن منع إقامة إمارة إسلامية في شمال مالي؛ أما ليبيا فهي و إن لم تتحول إلى إمارة كبيرة، فإن شروط ذلك قائمة من خلال وجود مئات الميليشيات المنتسبة لفكر القاعدة، و توفر السلاح الفتاك و الثقيل، و الملاذات الآمنة، و قواعد التدريب "الأممية"، و الأرض و المدن و المطارات و الموانئ و مصافي النفط المسيطر عليها؛ لكن إعلان دولة الخلافة في غرب العراق و شرق سوريا يظل التطور الأكثر خطورة على الإطلاق في كل هذا المسار الذي بدأ منذ تجييش آلاف "المجاهدين" في نهاية السبعينيات لقتال نظام حزب الشعب الديمقراطي في أفغانستان و القوات السوفياتية الداعمة له، و إستمر على أرض الجزائر و مصر و بلدان أخرى في عقد التسعينيات و بداية الألفية الحالية . فأن تنتزع القاعدة مدنا و مناطق بكاملها من سلطة الدولة يكشف، أولا وقبل كل شيء، عن حالة الوهن والضعف التي توجد عليهما الجيوش في المنطقة، التي أنيطت بها مهام ليس من إختصاصها، و إنشغلت بالكسب الإقتصادي و النشاط الريعي و بإحتلال مراكز الحكم و النفوذ، و عن لامهنيتها، و إحتضانها للنزعات القبلية و الطائفية و العائلية، و إفتقارها للولاء للوطن، و إعتبار الجندية مجرد وسيلة إرتقاء إجتماعي لللإسئثار بالمنافع و الوصول إلى السلطة. و بالمناسبة يستطيع المرء أن يفهم اليوم أكثر من أي وقت مضى، و من منظور إستعادي، لماذا كانت إسرائيل تهزم الجيوش العربية في رمشة عين مرة ثم أخرى. لكن، من جهة أخرى، يتحمل المسؤولية فيما حصل، و فيما سيحصل، من تمدد لأخطبوط الإرهاب، و من تفكيك للدول و شطب لحدودها، و إلغاء لسيادتها، و الذي توج بإعلان "دولة الخلافة القاعدية"، كل من هلل لشعار "الإسلام هو الحل" خلال عقود من الزمن، و كل من أسطَر الماضي و جعل من أشكال الحكم و التفكير البالية مصدرا للإلهام و نموذجا للإحياء. كل المؤسسات الدينية الرسمية و حركات الردة الإسلامية الأصولية التي ناهضت كل محاولات إرتياد العصر والإنتماء له، و الإنخراط فيه ، و التي شرعنت فكريا، و بإسم الدين، أنماط الحكم البدائية بعناوينها المختلفة من خلافة و إمارة و دولة إسلامية...، كلها ساهمت في صنع هذه الجيوش الإرهابية الجوالة الباحثة عن ساحات للقتال في كل مكان. لم تعد إذن فكرة دولة الخلافة مجرد فكرة تؤطر صراع القوى النكوصية مع قوى التقدم و التحرر، بل صارت واقعا مجسدا يصلب و يذبح فيه الإخوة من أهل "الإسلام هو الحل" في الساحات العامة قبل غيرهم؛ و ما دام أن التاريخ ، المعاش و ليس المتخيل، عجز عن منحنا و لو نموذجا واحدا للدولة الإسلامية العادلة مثلما قرأناه في كتب جهابذة الحركات الإسلامية و دجاليهم، فإننا سنستمر في حمل شعار "العصر هو الحل"، و "الديمقراطية هي الحل"، و "العلمانية هي الحل".
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: من شعار "الإسلام هو الحل" إلى إعلان دولة الخلافة الداعشية - حماد البدوي Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top