728x90 شفرة ادسنس

الجمعة، 27 يونيو 2014

الديمقراطية الشاملة - عبد الغني القباج








1- رغم التغيير الشكلي للدستور في 1 يوليوز 2011 استمرت في المغرب السيطرة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للدولة المخزنية التبعية و مؤسساتها على المجتمع، و بالتالي أثبتت التجربة السياسية في المغرب عدم إمكانية إصلاح النظام السياسي المخزني التبعي كما أثبتت أنه لا يمكن فصل الديمقراطية عن ثورة ثقافية سياسي ديمقراطية و إنجاز قطيعة سياسية فعلية مع النسق السياسي المخزني و مؤسساته. لقد أتبث التاريخ السياسي الحديث للمغرب أنه لا يمكن إصلاح ديمقراطي للدولة المخزنية التبعية التي أرسى أسسها و بنياتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الملك الحسن الثاني و ورثها الملك محمد السادس الذي تبنى أطروحة إصلاحها شكليا دون تغيير جوهرها المخزني. لذلك إن المجتمع و الشعب المغربي لا زالا يبحثان عن ثورة ديمقراطية رغم الانتفاضات الشعبية الجماهيرية التي بلورها في مارس 1965 و يونيو 1981 و يناير 1984 و رغم الانتفاضة الجماهيرية المتميزة التي أطلقتها حركة 20 فبراير يوم 20 فبراير 2011 و التي استمرت لشهور. و بالتالي ليست مهمة القوى الديمقراطية و اليسارية هي النضال من أجل تحقيق برنامج سياسي لإصلاح الدولة المخزنية التبعية، بل بلورة مشروع سياسي و مجتمعي ديمقراطي ينجز قطيعة مع النظام السياسي المخزني التبعي، مشروع سياسي و مجتمعي يتأسس على النضال من أجل تفكيك كل المؤسسات المخزنية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تجاوزها دستوريا و مؤسساتيا عبر إعادة النضال من أجل دستور ديمقراطي و مؤسسات الدولة الديمقراطية التي تتجاوز حدود الديمقراطية الليبرالية و التبعية لأن الديمقراطية الليبرالية التبعية تخدم فقط مصالح الرأسمالية الريعية المحلية و الرأسمالية المعولمة الامبريالية و المسيطرين فعلا على السلطة السياسية داخل في المغرب. و هذا هو الفهم السديد لمشروع حركة 20 فبراير و القوى الديمقراطية و اليسارية و  تصورها و برنامجها.

 2- لقد دخلت الديمقراطية الليبرالية، منذ نهاية ستينات القرن العشرين، في أزمة بنيوية لأن أزمة ديمقراطية الليبرالية ليست سوى تجسيد لأزمة الرأسمالية الاحتكارية المعولمة التي وصلت دروتها سنة مع انهيار النظام المالي الأمريكي مركز الرأسمالية المعولمة سنة 2008. و ستستمر هذه الأزمة ملازمة للرأسمالية المعولمة بالنظر لاستمرار تعمق التناقض بين الرأسمالية و العمل و بين الرأسمالية و تحرر الانسان و بين الرأسمالية و الطبيعة.

 3- إن طرح تجاوز الديمقراطية الليبرالية و أزمتها، لكونها لا تخدم سوى مصالح القوى البرجوازية الرأسمالية المحلية و المعولمة، يأتي من كون الديمقراطية الليبرالية لن تستطيع أن تتحكم في التناقض السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي بين الرأسمال و العمل، بل تحاول باستمرار حل هذا التناقض على حساب الطبقة العاملة و الطبقات الشعبية باحتكار صناعة الأسلحة و احتكار السيطرة على مصادر الطاقة و احتكار وسائل الإعلام الحديثة و احتكار التكنولوجيات الحديثة، و بفرض مرونة العمل، و بتسريح العمال و بالقمع و بتخلي الدولة عن الخدمات الاجتماعية و تعميق نهب ثروات العالم الثالث… و تأجيج النزاعات بين الشعوب و الدول في العالم الثالث و تدخل المخابرات و التدخل العسكري في مناطق عديدة من العالم. و هي سياسة تؤدي بالوضع العالمي إلى فرض الهمجية و الحروب على شعوب العالم.

 4- إن تجاوز الديمقراطية الليبرالية يتطلب بلورة مشروع مجتمعي ديمقراطي بديل محليا و عالميا عبر ثورة ديمقراطية تفك ارتباط مشروع المجتمع الديمقراطي البديل مع الديمقراطية الليبرالية و التبعية بل و تناهضها لأن مضمون المشروع المجتمعي الديمقراطي البديل هو تحقيق ديمقراطية شعبية شاملة، دستوريا و سياسيا و مؤسساتيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا، ديمقراطية تتجاوز أطروحة إصلاح النظام السياسي المخزني التبعي و نظام الرأسمالية المعولمة من داخله و تفك ارتباطها به و بالعولمة الرأسمالية الامبريالية و تنخرط في عولمة ديمقراطية بديلة. و تهدف الديمقراطية الشاملة إلى تحقق الحريات الديمقراطية و تعميم حقوق الانسان التي تمكن الطبقات الشعبية من تحرير نفسها بنفسها من سيطرة السلطة و الثقافة المخزنية و مؤسساتها. إن ثقافة الإنسان تتبلور من واقعه المعيش و من واقعه المزيف في المجتمع و من تطلعاته في هذا المجتمع.. و في نفس الوقت ثقاقة الانسان تؤثر على حياته و علاقاته المجتمعية و بالتلي تشكل وعيه بهذا الواقع. و ثقافة أي إنسان هي تجل لنشأته و لوضعه و لوعيه الطبقي. و من ثمة لا يمكن أن يغيير الإنسان واقعه السياسي و الاجتماعي الطبقي المتسم بالسلطوية و الاستبداد و بالاستغلال الطبقي و الأمراض الاجتماعية مالم يتبلور لديه وعي و ثقافة التغيير الديمقراطي المرتبط بـ/ و المؤثر في ممارسته الاجتماعية و في بعلاقاته الاجتماعية. لذلك فالتغيير الديمقراطي الذي ينشده اليسار الديمقراطي يبدأ بمهمة تغيير ثقافة و وعي و ممارسة جماهير الشعب الكادح و المحروم بثقافة ديمقراطية و بوعي يساري في معمعان الصراع الاجتماعي و النضال الجماهيري لبلورة ثقافة وطنية ديمقراطية شعبية توحد ثقافة الشعب و تجسد و تحترم تنوعه الثقافي و تتجادل مع الثقافة الإنسانية الديمقراطية المناهضة للثقافة الإمبريالية المُعولمة. و بالتالي في ظل هجمة السلطة السياسية و حكومتها على الحريات العامة و حرية التعبير وعلى معيش جماهير الشعب المغربي بالزيادات المستمرة في تسعيرة البنزين و مواد الاستهلاك اليومي و بتأزيم التعليم العمومي و بترقيع الولوج للتامين الصحي العمومي و بانتشار البطالة و بالمضاربات العقارية بالسكن الاجتماعي من طرف الدولة و مافيات العقار... فإن الطبقات الشعبية الكادحة و المحرومة و حركاتها الجماهيرية في حاجة إلى قوة سياسية ديمقراطية عضوية واضحة المشروع الديمقراطي و قادرة على تنظيم النضال الديمقراطي لهذه الطبقات الشعبية و لحركتها الجماهيرية لتتشكل كقوة اجتماعية ديمقراطية شعبية قادرة على فرض التغيير الديمقراطي المنشود.
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: الديمقراطية الشاملة - عبد الغني القباج Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top