728x90 شفرة ادسنس

الأربعاء، 28 مايو 2014

حوار مع الاقتصادي نجيب اقصبي رئيس جمعية ترانسبرانسي


hover_share
نجيب أقصبي

- ما هو تقييمكم للتقرير الأخير لصندوق النقد الدولي؟
+ جاء في التقرير أن المغرب في فترة الستينيات كان يحتل المرتبة الثانية من بين دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لكن وثيرة نموه باتت في انخفاض، بتفحص لما جاء في التقرير، يتضح أن 83 دولة التي طبقت برامج البنك الدولي على مدى 40 سنة، 20 في المائة منها هي التي حققت وثيرة نمو سريعة في مرحلة معينة. وهذا يعني أن 80 في المائة من البلدان التي طبقت هذه التوصيات لم تحقق النتائج التي طالما أكدوا أنها ستكون حتمية.
وبالتالي التجربة المغربية أيضا لم تخرج عن هذا النطاق ولم تحقق شيئا على مدى 40 سنة، حيث لم تحصل إلا على نتيجة كارثية ولتبرير هذا الفشل، حاول البنك الدولي إيجاد مبررات من قبيل أن المغرب يعاني من وضعية خاصة.
بل الغريب في الأمر أن سياسة البنك الدولي تطبق في المغرب منذ 42 سنة، والتي أثبتت فشلها، ليأتي سنة 2006 ويصرح بالكارثة: وثيرة التنمية في المغرب بطيئة، فهل يعقل أنه بعد 42 سنة يتنبه البنك الدولي لفشل هذه السياسة؟ وكيف بعد هذا الفشل أن يتبجح البنك الدولي من جديد "ليملي" علينا نصائحه وتوصياته بخصوص ما يجب عمله، فإذا كان صندوق البنك الدولي على دراية بالمشاكل الحقيقية للمغرب، فأهلا ومرحبا به، إذا أراد أن يعطي نصحه مثل ما يقال "كون سبع وكولني" وإلا فيجب أن يعترف بفشله ويترك المغرب يحاول فهم نفسه بنفسه، لكن واقع الأمر أن هذه التقارير عبارة عن منتوج يرغب البنك في تسويقه وفي كل مرة يلبسه حلة جديدة حتى يتمكن من تسويقه على أحسن وجه وبخصوص الحلة الجديدة للتقرير الأخير، فهي تتمثل في إفزاع المسؤولين أن المغرب على فوهة انفجار.
- إذن ما هو في رأيكم الجديد الذي حمله التقرير الأخير للبنك الدولي؟
+ مع كل أسف، جاء التشخيص الأساسي للاقتصاد المغربي من طرف البنك الدولي بأن مسلسل التحويل البنيوي لديه ضعيف، ليس بوسعه تحقيق طفرة منذ 25 سنة، والتي كانت من توصيات البنك الدولي، ماذا جنينا من ورائها؟
بل أكثر من هذا لم يتم الإشارة إلى قطاع الفلاحة، الصناعة، القطاع غير المهيكل واقتصاد الريع في التقرير الأخير وهنا يصح المثل القائل "تمخض الجبل فولد فأرا".
كذلك نجد قانون الشغل الذي ظل عشرين سنة على الرفوف والمقترح من طرف البنك الدولي والكل ينادي بضرورة خروجه إلى حيز التطبيق ولما خرج لم يكن صالحا لشيء وهذا أمر خطير.
ثم قانون الضرائب من ثلثاه ضرائب غير مباشرة والثلث الآخر ضرائب مباشرة وهي ضريبة على الدخل "مداخيل التجارة، الفلاحة والمهن الحرة"، فمداخيل هذه الضريبة التي نسميها عامة 85 في المائة إلى 90 في المائة منها، هي مقتطعة من الأجور.
ولحل مشكل الوعاء الضريبي يجب أن نطالب بأن يدفع كبار الفلاحين الذين يربحون الملايير نصيبهم من الضرائب، إذ لا يعقل إثقال كاهل أصحاب الدخل الضعيف دون غيرهم.
فأين تطبيق هذا القانون عند أصحاب العقارات والأسهم؟
وللعلم فقط، فإن سياسة الضرائب التي يقترحها البنك الدولي، جرى تطبيقها في الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات في عهد "رونالد ريغن" وعندما أثبتت فشلها لديهم، عملوا على تصديرها لدول العالم الثالث وبالتالي فالتحليل النظري والملموس يؤكد بأنها نظرية خاطئة.
- في رأيكم ما هي النواقص ومواطن الخلل الذي تضمنها التقرير الأخير؟
+ دعيني أعطيك مثالا يجسد الخلل الذي يتخبط فيه التقرير الأخير، فما يثير انتباه أي مستثمر هو مدى إمكانية تسويق المنتوج ومدى الطلب عليه، في حين أن هناك مشاكل أخرى على أرض الواقع كالتمويل، البناء، الإدارة، التراخيص، البنية التحتية والمناخ العام، في حين أن التقرير لم يأت على ذكرها وفي ذلك تناقض صريح، خاصة وأنه ذكرها في تقارير سابقة وطالب التراجع عن تحفيزات الضريبة.
فضغط الصندوق الدولي على الحكومة في قانون المالية 2006 كان أمرا جيدا في رأيي، حيث ولأول مرة يخرج تقرير عن كلفة الدولة للتحفيزات الضريبية وجرى التقييم الذي قال بأن الكلفة هي 5 ملايير بالنسبة للدولة وثلث التحفيزات الموجودة تم تقييمها بـ 15 مليار درهم وقد كنا نظن أن هذه المرحلة قد انتهت ولن نعود إليها، لكن إذ بنا نعود إليها من جديد.
- ما هي المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها البلاد، سواء تلك التي أقر بها البنك الدولي أم لم يقر، حيث أثار التقرير إشكالية اجتماعية تتمثل في قرب انفجار اجتماعي، كيف تقيمون هذه المسألة؟ وهل هناك مشاكل تلمسونها؟
+ البنك الدولي لا يتطرق للمشكل الاجتماعي، فهو يحاول أن يمسك المغرب من اليد التي توجعه، فإذا لم يفعل المغرب ما يمليه هذا التقرير، فالوضع سيزداد ترديا.
هذه السياسة التي يراد تطبيقها بغض النظر عن أخطائها، ظهرت أنها غير مجدية وغير نافعة، فعندما يقول صندوق النقد الدولي أن المشكل هو مرونة سوق الشغل، فهو يعترف بأنه ورغم ما يوجد في القانون الجديد، فهو غير كاف لأنه يريد أن يصل إلى أن يكون لرب العمل الصلاحية الشاملة لطرد العمال في أي لحظة.
وهذه الاقتراحات التي جاءت بها قريحة صندوق النقد الدولي، هي في حد ذاتها تصب في تأزيم الوضع الاجتماعي.
- يتضح من خلال كلامهم أن اقتراحات صندوق النقد الدولي لا تحمل في طياتها حلولا، بقدر ما تحمل عراقيل ومعوقات؟
+ بطبيعة الحال، لأننا عندما نقول ذلك، فإن السياسة العامة موضوعيا تسير في إطار تأزيم الوضع الاجتماعي، بل أكثر من ذلك، ففي ظل غياب توصيات مضبوطة ومدققة، فإن هذه السياسة تصب في اتجاه توسيع البطالة.
- من بين اقتراحات صندوق النقد الدولي، تعويض البطالة من أجل امتصاص الغضب الشعبي، فهل مثل هذه الاقتراحات كفيلة لتجنيب المغرب كارثة اجتماعية؟
+ للعلم فقط، فإن ما جاء في التقرير من مقترحات بخصوص تعويض البطالة، كان فقط سبيلا من أجل تجميل الصورة، وخلق شيء مميز عن التقارير السابقة.
وهنا نسجل نقطة إيجابية في التقرير الذي تضمن اعترافا بوجود بطالة وغياب ضمانات "حق الشغل" أما بخصوص الاقتراح المتعلق بالتعويض عن البطالة فإن هذا المقترح سيتم التفكير فيه في حدود 2015 و 2020.
- تعتبر قضية النمو مسألة جوهرية في التقرير، فهل بمقدور النسيج الاقتصادي التوصل إلى تجاوز نسبة 3 في المائة والتوصل إلى نسب تمكنه من الخروج من الوضعية المتأزمة الحالية؟
+ الدراسات الموجودة تقول بأن نسبة 6 في المائة على الأقل فما فوق ضرورية لامتصاص العجز والبطالة والتجاوب مع طلبات الشغل في السنوات المقبلة وجوهر القضية هو أنه يجب إيجاد هدف محدد ليتفق عليه الجميع.
والسياسة التي بينت بالواقع الملموس فشلها وعدم جدواها، وأكثر من هذا، بينت الدراسات بأنها ليست السياسة الكفيلة التي تمكننا من الوصول إلى نسبة 6 في المائة من النمو، بل ستوصل أكثر إلى تأزم الوضع الاجتماعي: البطالة، البؤس... فهذا ليس حكم مسبق، بل حكم صادر من عمق التجربة الطويلة، فالأعمدة الأساسية لهذه السياسة التي ينادون بها هي أعمدة جوفاء وكمثال على ذلك، هل يعقل أن تدعي بأنك تريد تحديث الاقتصاد وتوسيع نطاق السوق ومع ذلك لا توجد ولو كلمة واحدة بخصوص اقتصاد الريع، كذلك يقولون بأنهم يريدون تنمية السوق ويريدون تشجيع المنافسة، مع العلم أن هذا الاقتصاد الذي يتحدثون عنه، يعتمد بالأساس على قطاعات بأكملها تتحرك وتتقيد باقتصاد الريع، فوسائل النقل كلها خاضعة لرخصة مسلمة من طرف الدولة وهذه أساليب بالضرورة لا تشجع التنافسية بل هي خاضعة لاقتصاد الريع.
إن من بين ما جاء في التقارير السابقة تشجيع الخوصصة من أجل خلق تنافسية وتعددية، لكن مع الأسف انقلب الأمر فعند خوصصة قطاع السكر المادة الحيوية عندنا، أدى ذلك إلى احتكار القطاع بأكمله من طرف شركة واحدة هي شركة "كوزيمار" بالإضافة إلى ما سبق، هناك اقتراح خطير تضمنه التقرير وهو تأسيس هيئة وطنية للتنسيق برئاسة أعلى هيئة وطنية "الملك" لتسيير الاقتصاد وبذلك يؤدي هذا الاقتراح إلى إرجاعنا إلى الاقتصاد المخزني في أوج قمته.
فالبرنامج الاقتصادي يجب أن يكون منطلقا من برامج أخذت شرعيتها من الناخبين والحكومة يجب أن تكون مسؤولة أمام البرلمان لتطبيق برامجها. أما أن يأتي هذا البنك ليتحدث عن برنامج خاضع لبيروقراطية الأجانب وهيئة وطنية تنفيدية برئاسة الملك وهو الشخص المقدس وغير المحاسب، هذا تكريس للملكية التنفيذية مع القطاع الخاص بمعنى أن الذي سيسير الاقتصاد هو الملك وحاشيته والقطاع الخاص.
وهذا جانب خطير فيه تراجع إلى الوراء، حيث تم التراجع كما جاء في التقارير السابقة التي ظلت تطالب بتوفر قدر من الديمقراطية.
- هذا التقرير لم يكن إلا بمطالبة من طرف الدولة، كيف تقرأون سياسيا هذا الأمر؟
+ يجب أن تكون عندنا قراءة موضوعية، فالقائمون على البلاد ليسوا بلداء، بل تحركهم مصالح خاصة. وبالتحليل العلمي الملموس، نجد أن المصالح تحدد وطبقات معنية تدافع عنها لتكريس سلطتها على المجتمع، فهناك جسور وعلاقات داخلية وخارجية وكلها توظف في هذا الإطار ولكي نكون واضحين فلا أحد بليد، فالبنك الدولي له حساباته وحكام البلاد لهم حساباتهم.
- في رأيكم من سيدفع ثمن هذه السياسة؟
+ تقرير البنك عمليا سيؤدي إلى سياسة معينة والذي سيعطي قروضا لتمويلها، وهي قروض وليست صدقة، والمغاربة وأبناؤهم هم من سيسددون هذه القروض فإذا تمعنا في قانون المالية لـ 2006 نجده يتحدد في أن 42 مليار درهم مقدار الدين العمومي، ولو أننا سنقول بأن هذه السياسة مجانية، إلا أن حقيقة الأمر أننا نؤدي ثمنها غاليا. فوظيفة البنك الدولي الأساسية هي توظيف أموال بطريقة تدر عليه الفوائد.
- بعد تقييم سياسة البنك الدولي، هل نحن على فوهة انفجار اجتماعي؟
+ ليس لدي البلورة السحرية للتنبؤ بما سيحدث، وهنا أحاول أن أكون جديا وموضوعيا، وما أقوم به هو تحليل ملموس والمتمثل في كون الوضع المغربي أسوء مما نتصور. وعلينا عدم تصديق ما نسمعه في الإعلام من مغالطات. وهذا الوضع هو نتيجة للسياسات التي اتبعت منذ 50 سنة بتخاذل ومشاركة فاعلين أساسيين ومقررين في الشأن الاقتصادي المغربي هما : الملكية و البنك الدولي.
إدريس ولد القابلة
أسبوعية المشعل
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: حوار مع الاقتصادي نجيب اقصبي رئيس جمعية ترانسبرانسي Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top