728x90 شفرة ادسنس

السبت، 16 مايو 2015

الجماعة الحضرية لشفشاون بلا رُبان - فؤادأجَحَا





في صراع محموم مع الزمن تسير الجماعة الحضرية لمدينة شفشاون على سرعتين : سرعة الرئيس وسرعة العدالة والتنمية ، والغرض هو الظفر بكعكة إنجازات الزخرفة والتَّتْحيف التي تعرفها المدينة ، حيث يعمل كل طرف على احتساب هذه المجهودات في سجله الخاص ؛ وعلى الرغم من مظاهر الود والوفاق بين الجانبين فإن واقع الحال يُشير إلى صراع عنيف وشرس بين الرئيس والحزب الذي أوصله إلى رئاسة المدينة .


السيد الرئيس الذي انقلب على أولياء نعمته وخان أصوات المواطنين وتنكر للتعهدات السياسية مع أطراف التدبير المشترك لمَّا قرر الإرتماء في أحضان "الوافد الجديد" حزب الأصالة والمعاصرة في مستهل عُهدته وقبل أن يألفه كرسي الرئاسة ، يريد صناعة مجدٍ شخصي له بالمدينة ويجتهد أيَّما اجتهاد في الرفع من قيمة أسهمه للدخول إلى المزاد الإنتخابي المقبل ثقيل الوزن مطلوبا لا طالبا . ولأن الرجل فقير في تكوينه السياسي ولا نصيب له في هذا الباب لم يفهم ولم يتفطن إلى أنه أفرغ مؤسسة الرئاسة من محتواها وحوَّل مجلس الجماعة إلى قطعة فِلِّين تعبث بها المياه في كل اتجاه .

سيذكر التاريخ أن شفشاون عاشت في عهد العدالة والتنمية برئـــيس لكن بـــدون رئــاســـــــة ، فالرئاسة موقع سياسي وليس موقعا شكليا بروتوكوليا كما هو الحاصل الآن ، وهذا الوضع ــ في واقع الأمر ــ يُحسب سياسيا على حزب العدالة والتنمية ولا دخل للرئيس فيه لأن الحزب هو المسؤول السياسي عن التجربة وليس الأشخاص .

الإخوة في العدالة والتنمية المُحْبَطين من فشل أول تجربة لهم في تسيير المدينة باعتبارهم أغلبية بلا رئاسة ولا رئيس ، اختاروا بلع العلقم والتعايش مع منصب الرئاسة الفارغ ويُراهنون على تحويل الهزيمة إلى غنيمة من خلال توزيع نطاق النفوذ ورقعة التواطؤات بينهم وبين الرئيس بحيث باتت مصالح الناس ومصير المدينة في يد أشخاص أكثر مما هي تحت وصاية مجلس مُهيكل .

مجلس الجماعة الحضرية فاقد البَوْصَلَة أعمى بلا رؤية سياسية ، لذلك فضل الطرفان اللجوء إلى أوراش الترصيف وتعبيد الأزقة وغرس النباتات لتكون علامات على نجاح التجربة (في نظرهم) وحتى تكون طعما لاصطياد أصوات المواطنين الذين ، والحق يُقال ، يستحسنون هذه الإصلاحات التي تشهدها مدينتهم .

× × × × ×
لكن ... مؤسسة الجماعة المحلية هي مؤسسة سياسية قبل كل شيئ وفي المقام الأول وبعدها تأتي جميع الأمور الأخرى . فإذا فَسَدت العملية السياسية داخل الجماعة فسدت الجماعة كمؤسسة بأسرها ، ولن يستقيم آنئذٍ أي مشروع ولا أي برنامج ولو أمطر ذهبا . المدخل السليم للتنمية المحلية هو سيادة مناخ سياسي سليم داخل الجماعة المحلية ، وهذا هو الرهان الذي ينبغي على الفاعلين السياسيين ربحه وتحقيقه ، في معزل عن هذا المسار لا حديث عن مجتمع سياسي ولا عن أحزاب ولا عن مجتمع مدني ولا عن بناء للديمقراطية .

هل تسائل الرئيس يوما ما عن الضرر الذي ألحقه بمؤسسة جماعته جراء الخطوة المتهورة التي أقدم عليها عندما انقلب على لائحته الإنتخابية ؟ . ألا يعلم الرئيس الذي ملأ الدنيا بصور منجزاته عبر موقع الفايسبوك أنه ارتكب جريمة في حق المدينة لمَّا أجهض إرادة التغيير التي صوت لصالحها المواطنون ؟ . ألا يشعر الرئيس بأنه مسؤول عن إهدار التجربة السياسية النوعية التي أفرزتها شفشاون في انتخابات 2009 ؟ .

أما حزب العدالة والتنمية فقد أظهرت الفترة التي تولى فيها التدبير أن لاشيئ يميزه عن حزب الإستقلال ، فهو يسير على منواله وينهل من مناهله ، وأنه غير قادر على حمل لواء التغيير الذي وعد به الساكنة . وسكوت الحزب طيلة هذه السنين على الإهانة التي تلقاها من وكيل لائحته ومساهمته في طمس المسألة واجتهاده في إقناع الرأي العام بأن الأمر لا يستحق التهويل والتضخيم يُعتبر مشاركة في تشويه العملية السياسية التي تعيشها الجماعة الحضرية ، كما أن موقف اللاموقف من فراغ منصب الرئاسة يُعد تواطؤا مع إرادة التشويه .

× × × ×
الخلاصة الأولى المستنتجة من تجربة العدالة والتنمية في التسيير هي أن العقلية الأصولية لا يمكن أن تكون مصدرا للتجديد في الممارسة السياسية ما بالك في أن تكون قاطرة التغيير .
الثانية هي أن حزب العدالة والتنمية لا يملك مشروعا سياسيا وإنما هو حزب موجود لخدمة مشاريع غيره .
الثالثة هي أن توظيف الدين في السياسة يؤدي لا محالة إما إلى ضياع الدين أو إلى ضياع السياسة ، والذي حصل مع العدالة والتنمية هو ضياع السياسة .

أجَــحَـا فـؤاد . في : 10ماي 2015.
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: الجماعة الحضرية لشفشاون بلا رُبان - فؤادأجَحَا Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top