728x90 شفرة ادسنس

الجمعة، 6 يونيو 2014

الظواهر الاجتماعية والنفسية في تونس ما بعد الثورة



إذا نظرنا إلى ما يحدث على الساحة السياسية التونسية من تجاذب وما تقوم وسائل الإعلام بنقله إلى كل أرجاء العالم وما يتضمنه من مشاهد عنف ودمار قاسية تثير المشاعر لكل من يشاهدها أن بعض المشاهد ينتج عنها آثار نفسية سلبية عميقة مثل مشاهد العنف والتدمير وصور الجرحى من الكبار والصغار وجنازات الموتى.
كما أن استمرار البطالة وعدم تجاوز أزمتها وإيجاد الحلول العاجلة لمعالجة الفقر وتطوير الحياة الاجتماعية للفرد التونسي وتحسين البنية والتعجيل بالفترة الانتقالية وتحريك الاقتصاد وتجاوز القهر والظلم الذي كان يمارس من النظام السابق, وحالة الإحباط العامة وفقدان الأمل مع الوقت في الخروج من الأزمة التي يمثلها الوضع الحالي.. كل ذلك يؤدي إلى ظهور حالات الاضطراب النفسي وتفاقمها ويتبع ذلك مضاعفات وخيمة وللأسف الآن العراق يعاني من نفس المشكلة وبنفس الحدة وان كان الزمن اقل وبالرغم من أن أوضاعاً مشابهة قد تحدث في مناطق أخرى من العالم نتيجة التعرض لكوارث طبيعية مثل الزلازل والفيضانات أو نتيجة حوادث فردية أو جماعية فإن الأطباء النفسيين يلاحظون أن نوع الأزمات التي هي من صنع الإنسان مثل الحروب والقمع والحصار والعقاب الجماعي تفوق في تأثيرها المدمر على الأفراد والجماعات الأزمات التي تنشأ من ظروف طبيعية لا دخل للإنسان فيها ولا سلطان له عليها، وأضافوا بأن مشاهد القتال والعنف الرهيبة أدت إلى ظهور حالات نفسية شديدة يعاني منها أعداد كبيرة من الناس, ويطلق على هذه الحالات في الطب النفسي الحديث تسمية اضطرابات الضغوط التالية للصدمة وتعرف اختصاراً PTSD, وهي حالات تنشأ من التعرض لأحداث وصدمات نفسية تمثل خبرات أليمة تفوق الاحتمال وتتضمن تهديداً خطيراً للحياة نتيجة الضرر الذي يلحق بالفرد أو بأسرته أو تدمير منزله أو ممتلكاته وتمثل حالات الاضطراب النفسي نسبة 25% من الذين يتعرضون لممارسات العنف والضغوط النفسية «أي واحد من كل أربعة» وتحتاج هذه الحالات إلى تدخل علاجي عاجل.
ومن علامات الجروح النفسية التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد والجماعات نتيجة ممارسات العنف والقمع والتهديد حدوث مجموعة من ردود الأفعال نتيجة تعرض الشخص أو أحد أفراد أسرته أو جيرانه لمواقف ينتج عنها ضغوط نفسية هائلة تصاحب مشاهد القتل والإصابات الجسدية وتدمير المنازل والممتلكات والبيئة المحيطة, ويمثل ذلك صدمة كبيرة خارج نطاق الخبرة الإنسانية العادية, ويؤدي ذلك فيما بعد إلى أعراض الاضطراب النفسي في صورة قلق وتوتر دائمين, وتظل ذكريات المواقف الأليمة ماثلة في ذاكرته تقتحم تفكيره في كل وقت بما يجعله يعيش هذه التجربة الأليمة في اليقظة وبعد النوم في صورة كوابيس تعيد مواقف الصدمة, ويتبع ذلك شعور بالإجهاد والألم النفسي والضيق والعزلة واليأس, ومن ردود الأفعال التشتت الذهني والانتباه الزائد ورد الفعل العصبي لكل شيء يذكر الإنسان بمشاهد الصدمة النفسية الأليمة ويفقد الناس الاستمتاع بالحياة لتحل مشاعر الاكتئاب الجماعي, وقد لا تظهر هذه الأعراض مباشرة عقب التعرض للصدمة ويتأخر ظهورها لشهور أو سنوات ويكفي أن نعلم أن حالات الاضطراب النفسي لا زال يعاني منها جنود حرب فيتنام رغم مرور أكثر من 40 عاماً على تعرضهم لمواقف الرعب أثناء القتال.
لتجاوز الأزمة النفسية والاكتئاب
إعادة الروح إلى الفضاءات الخارجية وإعادة الفرحة للمجتمع وتحريك الأنشطة الثقافية الراكدة والدخول في الاحتفاليات واجتناب الأنشطة ذات البعد السياسي المتكررة خلال هذه الأيام والعودة إلى المهرجانات الصيفية وإقامة تظاهرات ترفيهية وتنشيط الشواطئ لإعادة التوازن الأسري وإدخال السرور في ذهنية الطفل الذي تأثر بما يحيطه من إحداث هو ضرورة لتجنب هذه الأزمات النفسية مع إحداث مراكز ووحدات متحركة داخل المناطق النائية وتجاوز الحالات الاجتماعية المستعجلة بتحسين وضعياتهم المادية وتطوير آليات العيش لديهم مع الوقوف لتجاوز أزمة حوض المناجم ومشكلة (العروشية) ومساعدة متساكني المتلوي على تجاوز هذه المحنة ومسح مظاهر المشكلة من الذاكرة بحركية اجتماعية وتظاهرات مكثفة والوقوف بجدية على حل أزمة البطالة وتذليل الفوارق الاجتماعية بالمنطقة لنتجنب وقوع مجتمعنا في أزمات نفسية تأثر على تطور تونس وتجاوز مرحلة ما بعد الثورة ببناء ديمقراطية وتقليص الفوارق الاجتماعية بتنمية شاملة تعم كافة الجهات المحرومة. وفي الأخير ..
يرى علماء الاجتماع أن الأزمات الاقتصادية التي تؤدي إلى حالات من الركود الاقتصادي تترك آثارها على أي مجتمع وإن بدرجات تتفاوت بتباين الظروف الموضوعية لكل مجتمع، وهناك إجماع في الرأي بأن التغيرات الاقتصادية تؤدي حتماً إلى تغيرات اجتماعية، بداية معنى الاستقرار المجتمعي«هو توافر ظروف ملائمة تمكن كل فرد من أفراد المجتمع من إشباع حاجاته الضرورية ثم الكمالية لضمان مستوى معيشي مناسب، وتتاح فيه فرص الحصول الميسر على الطعام والمسكن والملبس، والرعاية الطبية وخدمات التعليم والصحة، والعيش في إطار بيئة معافاة تنعم بالاستقرار والأمان.
٭ المخرج المسرحي والكاتب رياض الحاج طيب صفاقس 
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك

0 commentaires:

إرسال تعليق

Item Reviewed: الظواهر الاجتماعية والنفسية في تونس ما بعد الثورة Rating: 5 Reviewed By: Unknown
Scroll to Top