“في التفاتة إنسانية من الملك – كما قال
رميد وزير العدل – وبتعليمات من الملك، أُحدثت لجنة ستنكب وبصفة استثنائية
على النظر في كل الحالات الإنسانية المتعلقة بسجناء فرنسيين يقضون عقوبتهم
بالمغرب ويطالبون بترحيلهم لفرنسا لاستكمال تنفيذ العقوبة إلى جانب ذويهم،
وأضاف الوزير أن الأمر ” يتعلق بالتفاتة ملكية إنسانية تعبر عن أن المملكة
كانت وستظل مملكة كبيرة بالنظر إلى نبل القيم الإنسانية التي ما فتئت
تتبناها وتعبر عنها بمثل هذه المواقف ” انتهى كلام الوزير.
في جانب آخر ومن نفسه المنبع الإنساني
التلقائي، جرى الترويج على نطاق واسع صورا للملك وبتلقائية ظاهرة واضحة وهو
يتجول وسط التونسيين ويأخذ معهم صورا تذكارية، تماما كما حدث في زياراته
الأخيرة لإفريقيا أو قبلها لفرنسا…
التلقائية والإنسانية بادية ظاهرة على الملك،
فالفرنسيون الذين خاضوا إضرابا عن الأكل التفت إليهم الملك، وأمر بدراسة
حالتهم بصفة استثنائية وإنسانية، والمعتقلون السياسيون المغاربة الذين
خاضوا إضرابات ولجأوا لعدة أشكال للاحتجاج على أوضاعهم لم ينعموا لحد
الساعة بإنسانية الملك..
أتأمل الصورة…
أتأمل “أم أيوب” وهي تبكي بحرقة وألم، وهي
تتلقى الحكم الصادر في حق ابنها الشاب الطالب المهندس، وصورة الملك
التلقائية مع سيدة تونسية وطفلها والابتسامة التلقائية الإنسانية فأصاب
بالذهول..
أتأمل صور قوات التدخل السريع وهي تخلي براريك
الحي المحمدي وبمواجهة مفتوحة مع نساءها وأطفالها رجالها وشيوخها و19
معتقلا لحد كتابة هذه السطور فأصاب بالذهول..
أتأمل صورة اعتصام عمالي مضى عليه شهور دون حلول وفلذات أكباد تنتظر خبزا وحليبا فأصاب بالذهول…
أتذكر سياط البوليس في مسيرات 20 فبراير وهي تنزل على أجساد شباب و يافعين فأصاب بالذهول…
أرقب الأحكام التي صدرت في حق رفيقي المناضل النقابي حميد مجدي فأصاب بالذهول …
أتذكر صديقي الحاقد ومعاناته التي تتكرر دوما
في مواجهته وهو يغني بحرقة وألم معاناة شعب كف أن يحلم أو في طريقه أن تصبح
التعاسة كفاف يومه فأصاب بالذهول…
وأتذكر درويش وهو ينظم خطب الدكتاتور الموزونة ويقول:
ليس السلام مع الآخرين هناك… سلاما مع الغاضبين
هنا.. هنا لن تقوم لأى فئات يسارية قائمة… سأفرم لحم اليسار ، وأحجب ضوء
النهار عن الزمرة الناقمة… وفى السجن متسع للجميع… من الشيخ حتى الرضيع…
ومن رجل الدين حتى النقابى والخادمة… فليس السلام مع الآخرين هـناك… سلاما
مع الرافضين هنا .. هنا طاعة وانسجام…
أقرأ هذه الأبيات دون أن أتمكن بعد من الخروج من حالة الذهول…
0 commentaires:
إرسال تعليق